التصوف كله أخلاق وآداب وسعي للترقي في مدارج الكمال. روى أبو نعيم في ترجمة الإمام مالك أنه قال لفتى من قريش: “يا ابن أخي تعلم الأدب قبل أن تتعلم العلم” . والحقيقة أنه لا بد من كليهما معاً: العلم والأدب، فهما كما قال أبو زكريا العنبري أحد الأجلاء: علمٌ بلا أدب كنارٍ بلا حطب وأدبٌ بلا علمٍ كروح بلا جسم” [أخرجه الخطيب في جامعه] . وعلى المريد أن يأتي من الآداب ما يستطيع، وأن يسعى لكمالها في كل وقت وحين.
وقراءة الأوراد لها آدابها الظاهرة والباطنة.
أما الآداب الظاهرية: فهي الوضوء، واستقبال القبلة، واتخاذ جلسة القعود في الصلاة، وفي حال قراءة الأوراد جماعة فالجلوس بشكل متراص مع الإخوان بحيث يشكلون حلقة كما سماها سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حلق الذكر، والقراءة بصوت واحد وبنغمة متجانسة، وعدم الإلتفات وعدم الحركة إلا لضرورة، والقراءة بصوت مرتفع [وقال صلى الله عليه وسلم لعمرَ: (مَرَرْتُ بك وأنت تصلّي رافعاً صوتك! فقال: يا رسول الله، أُوقِظُ الوَسْنَانَ، وأطرُدُ الشّيطانَ). رواه أبو داود] ، وعدم التكلم بكلام الدنيا.
أما الآداب الباطنية: فهي حضور القلب وتحرير النية والتفكر في معاني الأوراد والشعور بأنك أمام الله تعالى، جالساً بين يديه، مقبلاً عليه بذل وخشوع وفقر وانكسار، راجياً عفوه وغفرانه، طالباً فضله وإحسانه، آملاً قربه ورضاه.