قصيدة: سلّمت يوم اللقا

قصيدة بعنوان: “سلمت يوم اللقا للفكر ما نظرا” لسيدنا الشيخ عبد الرحمن الأول بن الشيخ حسين الشريف نفعنا الله بعلومه:

سَلَّمْتُ يَوْمَ الْلِّقَا لِلْفِكْرِ مَا نَظَرا فِيْ مَوْكِبِ الْجَمْعِ لَمَّا الْعَقْلُ فِيْهِ سَرَى
لِأَنَّ مَشْهَدَهُ الْأَعْلَى بِهِ ظَهَرَتْ عَيْنُ الْحَقَائِقِ مِلْءَ الْسَّمْعِ وَالْبَصَرَا
يَا سَائِلِي عَنْ صِفَاتِ اللهِ إِنِّي بِهَا لَعَارِفٌ مُقْتَفِي آثَارَ مَنْ ذَكَرَا
فَاللهُ وَاحِدٌ مَوْجُوْدٌ بِلَا شَبَهٍ لِذَاتِهِ ثُمَّ كُنْهُ الذَّاتِ لَيْسَ يُرَىَ
وَنُقْطَةُ الْكَوْنِ مِنْ سِرِّ الْعَمَا نَزَلَتْ وَالْحَقُّ إِنْ رُمْتَ وَصْفَ الذَّاتِ فِيْنَا عَرَى
وُجُوْدُنَا مَعْ وُجُوْدِ اللهِ لَيْسَ لَهُ حُكْمٌ كَمَا قَرَّرَ الْأَحْبَارُ وَاشْتَهَرَا
وَلَا دَلِيْلَ لَنَا إِلَا الْيَقِيْنُ بِهِ وَمَشْهَدُ الْأَصْلِ أَغْنَىَ عِلْمُهُ الْفُقَرَا
حَتَّى غَدَا عِنْدَنَا عِلْمُ الْدَّلِيلِ فَلَا تَأثِيرَ فِي فِكْرِنَا مِنْهُ وَلَا ثَمَرَا
فَمَا الْحِجَابُ الَّذِيْ للهِ قَدْ حَجَبَا سِوَى مُرِيْدِ ظُهُورٍ وَبِهِ اسْتَتَرَا
فَأَجْهَلُ الْنَّاسِ عِنْدِيْ أَعْنِي مَا بَدَلَ يَقِيْنَ مَا عِنْدَهُ لِلْظَّنِّ مِنْ حُمُرَا
مَعَارِفُ اللهِ بِالْأَذْكَارِ مِنْهَا غَدَتْ مَعَارِفُ الْكُلِّ لَا تُبْقِي وَلَا تَذَرَا
بِالْذِّكْرِ نَالُوْا ذَوُو الْتَّحْقِيْقِ مَرْتَبَةً وَاللهِ عَزَّتْ عَلَى مَنْ بِالْهَوَاءِ سَرَى
هُمُ المُلُوْكُ الَّذِيْ قَدْ فَازَ طَالِبُهُمْ بِنَفْحَةِ الْقُرْبِ مِنْ كُلِّ الْمُنَى سَحَرَا
فَالْزَمْ لِمَجْلِسِهِمْ إِنْ كُنْتَ مُتَّعِظَاً وَاعْكُفْ عَلَى حَانِهِمْ كَيْ تَعْرِفَ الْأُمَرَا
فَالْعِلْمُ عِنْدَهُمْ عِلْمُ المَحَبَّةِ وَالـ ـمَسِيْرِ فِيْ اللهِ لَيْسَ الْعِلْمُ عَنْ خَبَرَا
وَالْنَّحْوُ نَحْوُ الْحَبِيْبِ نَحْوٌ بِلَا مَهَلٍ وَالْصَّرْفُ فَاصْرِفْ هَوَى أَمَّارَةِ الْخَسَرا
وَالمَنْطِقُ انْطِقْ بِحِكْمَةٍ نَافِيَاً لِسِوَى الـ ـفَرْدِ المُنَزَّهِ عَنْ غَيْرٍ بِغَيْرِ مِرَا
وَاسْتَهْلكِ الْنَّفْسَ وَافْنِ الْكُلَّ فِيْهِ كَذَا وَاسْتغْرِقِ الْرُّوْحَ وَألْقِ الْحُجْبَ عَلَّ تَرَى
وَعُجْ لِمُرْشِدِنَا المَسْلُولِ مَنْ ظَهَرَتْ آيَاتُ عِرْفَانِهِ فِيْ الْكَوْنِ وَاشْتَهَرَا
فَإِنْ قَبِلْتَ لِذَا ثُمَّ رَفَضْتَ سِوًى وَرُمْتَ مِنْ غَيْرِ إِمْلالٍ وَلَا ضَجَرَا
كُنْتَ الْجَمَالَ الَّذِيْ قَامَ الْوُجُوْدُ بِهِ وَعِلْمُكَ الْكُلُّ لَا نَقْلٌ وَلَا خَبَرا
كُلُّ الْلَّطَائِفِ سَطَعَتْ مِنْ مَهَابَتِهِ وَأَنْتَ لِلْشَّمْسِ ضَوْءٌ وَاسْمُكَ الْقَمَرَا
وَكُنْ بِحَالِكَ لَا بِالْقَالِ تَذْكُرُهُ فَإِنَّ مُعْتَقِدَا بِالْقَالِ قَدْ كَفَرَا
وَإِنْ يَرِدْ وَارِدٌ بِالْقَهْرِ مِنْهُ فَقُلْ سَلَّمْتُ يَوْمَ الْلِّقَا لِلْفِكْرِ مَا نَظَرَا