هو الحسيب النسيب، الشريف السيد، حسين الثاني بن السيد عبد الرحمن بن السيد حسين الأول الحسيني، من أحفاد الشريف السقواتي، الخليلي مولداً وموطناً.
كان مولده في زاوية الأشراف من مدينة خليل الرحمن، لسبع خلت من شعبان سنة ثمانين ومائتين وألف من الهجرة النبوية الشريفة.
في زاوية الأشراف وفي حِجْر أبٍ كريم، ارتقي يرشد السالكين إلىٰ طريق الحق القويم، وفي بيت شريف يتعهد المريدين، هنالك تفتحت أكمامه في أكناف تلك المعاهد والربىٰ، فنشأ في بيـئة دينية سليمة، وشب علىٰ عادات أبناء الأشراف الذين يتعهدهم آباؤهم بألوان التربية الإسلامية المحضة، فتغذىٰ بلبان المعرفة الدينية والدنيوية، وارتوىٰ من أفاويق الحقيقة والطريقة.
أخذ عن والده العلوم الأولية في صغره، فحفظ القرآن الكريم، وأصول العبادة، وأوراد الطريقة. ثم أخذ عن علماء بلده، فغدا علىٰ علم ورشد أهّله ليخلف والده في مشيخة الطريقة، وتربية المريدين، وإرشاد السالكين.
كان رحمه الله، ربع القامة بدينها، أبيض الوجه منوّره، أشقر الشعر، أزرق العينين، خفيف العارضين، حسن الهندام، هادئ الطبع، كثير الصمت، رحب الصدر، حليمـاً رفيقاً في معالجة الأمور، لا يصدر عن ثورة أو غضب، كريماً في حالتي اليسر والعسر، براً بأهله، واصلاً لرحمه، رؤوفاً بالفقراء حتىٰ لقب (بأبي الفقراء).
تلقىٰ الطريقة الخلوتية الرحمانية عن أستاذه وشيخه، قطب زمانه، العارف بالله، الحسيب النسيب، والده الشيخ عبد الرحمن ابن حسين الأول الشريف الحسيني، كما أخذ الطريقة الشاذلية عن شيخها الجليل، علي اليشرطي الشاذلي.
فارق وطنه ثلاث مرات، تغرب فيها عن الدار والأهل، أولاها إلىٰ الأستانة، دار الخلافة الإسلامية العثمانية، وهناك أُنعم عليه ببراءة سلطانية من مقام الخلافة العظمىٰ، تقضي بترتيب مخصصات وظيفة جارية علىٰ زاوية الأشراف الفواقا في مدينة الخليل، كما أدىٰ في رحلته الثانية فريضة الحج إلىٰ الديار الحجازية المقدسة، ثم زار أماكن الحج في رحلته الثالثة، حيث أدىٰ فريضة الحج للمرة الثانية.
شغل عدة مناصب إلىٰ جانب قيامه بأعباء الطريقة. فكان أول منصب شغله، هو عضو مجلس إدارة مدينة الخليل. ثم أصبح قاضي تحقيق (مستنطق). ثم أصبح عضو محكمة بداية. وصار بعد ذلك رئيسا لبلدية الخليل.
كان الشيخ حسين الثاني يتمتع بمكانة مرموقة في الدين والمجتمع، كما كان عميداً للأشراف في مدينة الخليل، وذلك لما كان يتمتع به من رأي سديد، ودراية في التركيبة الاجتماعية في مدينة الخليل، حتىٰ فُوض للتكلم بلسانها أمام اللجنة الاستفتائية الأمريكية، التي هي أول لجنة أرسلت إلىٰ الديار المقدسة بعد الاحتلال البريطاني لفلسطين. فلا غرو إذن أن كان معظماً لدىٰ جميع الطبقات، لما طبع عليه من لين عريكة، وحسن خلق.
وبعد حياة زاخرة في طاعة الله كان فراقه لهذه الدنيا سنة تسع وثلاثين وثلاثمائة وألف من الهجرة، فووري إلىٰ جوار أبيه وجده في زاوية الأشراف. وقد أعقب رحمه الله، ثلاثة أولاد، هم الشيخ عبد الرحمن، والشيخ راتب، والسيد روحي، والأول منهم كان من مشايخ الطريقة.