الشريف حسين (الأول) بن يوسف الشريف

هو الحسيب النسيب، التقي الزاهد العابد، محبوب أهل اليقين، قدوة السالكين، ومفيد المريدين، السيد حسين الأول بن السيد يوسف الثاني بن السيد صالح الثاني بن السيد يوسف الأول بن السيد صالح الأول الشريف الحسيني السقواتي، المتصل نسبه الشريف بأبي الحسن علي بن أبي طالب كرم الله وجه، وفاطمة الزهراء ابنة الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم. وهو أحد السادة الأشراف الفواقا. من أحفاد الجد الأكبر، الشيخ محمد بن عبد الله الشريف السقواتي رحمه الله. عميد عائلة الأشراف الفواقا في زمانه، ولسانهم، وصاحب الكلمة المسموعة فيهم.

ولادته

ولد عطر الله ضريحه، سنة 1195هـ -1780م في مدينة خليل الرحمن، بزاوية السادة الأشراف ونشأ فيها برعاية والديه، في حجر طاهر.

كان علىٰ جانب عظيم من التقوىٰ والزهد، متجردا عن الدنيا وأغراضها، متجملا بمكارم الأخلاق المصطفوية؛ علىٰ سنن السلف الصالحين من أجداده عترة أهل بيت النبوة الأطهار، رضوان الله عليهم أجمعين.

تلقىٰ علومه الدينية علىٰ والده، ثم علىٰ عدد من شيوخ عصره. وتفقه علىٰ أجلة الشيوخ الذين كانوا يتولون التدريس في الحرم الإبراهيمي الشريف.

رحلاته

كانت رحلته الأولىٰ، بعد وفاة والده، إلىٰ مدينة طرابلس الشام، حيث مكان الزاوية الرئيسية للطريقة الخلوتية ومقر إقامة شيخها الأكبر وقطب زمانه الأعظم الشيخ عبد القادر الرافعي الأول، لتلقي الطريقة منه ودخول الخلوة فيها.

ولما حن إلىٰ أهله وبلده، وجالت في خاطره فكرة العودة، فاتح شيخه بما انتواه، ليأذن له بالسفر، لكن شيخه رضوان الله عليه تأخره، فانصاع لأمره بغير أن يسأله عن الأسباب، جريا علىٰ آداب ومسلك المريدين مع شيوخهم. وما لبث شيخه بعد وقت من الزمن، أن كاشفه بفكرة الزواج، وأنه يرتئي أن يزوّجه، وصارحه أنه قد اختار له سيدة كريمة من أسرة الزعبي بطرابلس واسمها (خديجة) وأنهم ـ أي آل الرافعي ـ هم خؤولتها.

فأحس المترجَم له أن هذه الرغبة من شيخه دليل علىٰ اجتبائه له ورضائه عنه، وثقته فيه، فنزل عند رأيه وتم الزواج. وبعد وقت أذن له شيخه بالسفر. وقبل أن يودعه ليعود إلىٰ مسقط رأسه مدينة الخليل تصحبه حرمه، أَذِنَه في إعطاء الطريقة لمن يريد، وأوصاه بتقوىٰ الله في السر والعلن، ودعا الله تعالىٰ أن يشمله بتوفيقه. وقد أجمعت الرواية علىٰ أن الشيخ حسين قد أمضىٰ في رحاب شيخه أعواماً تزود خلالها بالكمالات في علم الحقيقة.

ولما وصل لبلده الخليل، بدأ نشاطه في الدعوة إلىٰ الله ونشر الطريقة، فكثر علىٰ يديه المريدون والسالكون.

أما الرحلة الثانية فتبدأ من التوجه إلىٰ مصر عن طريق البر وقد كانت بغرض زيارة الشيخ الصاوي الشهير بالقاهرة، والتزود بمعارفه وبركاته، وقد نزل بزاويته وفيها التقىٰ مرة ثانية بالشيخ محمود بن الشيخ عبد القادر ـ الأول الرافعي الملقب بأبي الأنوار، والشيخ محمد مصطفىٰ الجسر الملقب بأبي الأحوال حيث كانا معاً.

وبعد غيبة تقدر ببضع سنين، ناهلا فيها من الحقيقة، ومتزوداً بنور المعرفة، ومتجملاً بالشمائل الروحية، كاملا في الانقطاع إلىٰ الله تعالى، عاد ثانية إلىٰ مدينة الخليل، سالكاً نفس الطريق التي سلكها.
ومن كراماته، ما تناقله الثقات، ما حصل له وهو علىٰ المغتسل وقت وفاته، من أن وزرة الغسل انحسرت عنه، فما رأوا إلا ويداه تمتدان إليها وترفعها لتستر عليه عورته.

وكان، رحمه الله، قد آلت إليه ملكية الزاوية، فخدمها بحياة حافلة بالعبادة والصلاح والتقوىٰ، والورع والزهد، فعلَّم الطلاب، وربىٰ المريدين، فكان من بعض محبيه الأصفياء، ومريديه الأتقياء، في مدينة خليل الرحمن، عدد من الشيوخ الأجلاء، منهم الشيخ إبراهيم الحرباوي البطائحي، والشيخ كمال الدين الحرباوي البطائحي، والشيخ إسماعيل صب لبن، والشيخ محمد الداري البكري مفتي الخليل يومئذ.

انتقل السيد حسين الأول، قدس الله سره، إلىٰ جوار ربه سنة 1258هـ = 1842م ودفن في زاوية الأشراف، فكان أول من دفن بها من السادة الأشراف، وذلك تبركاً لقربها من جوار مراقد سيدنا إبراهيم الخليل وأولاده وزوجاتهم الأطهار. وقد أعقب، رحمه الله، ثلاثة أولاد، أكبرهم عبد الرحمن، وأوسطهم أحمد وأصغرهم محيي الدين.