الجمعة , نوفمبر 22 2024

قواعد العشق الأربعون

قواعد العشق الأربعون : دُعيت غير مرة للكتابة في وصف تلك الرواية التي أحدثت في نفوس قارئيها ما الله به عليم، والتي تسرد حكاية ذلك “الولي” الذي يتقلب في مراتب العشق الإلهي “شمس التبريزي”، ولقائه مع الفقيه المتمكن “جلال الدين الرومي”، ذاك اللقاء الذي أنتج انفجارًا لدى الرومي رفعه من “درك الفقه” إلى “سماء العشق”.

لم أجرؤ على مناقشة محتوى القواعد بلغة الكتابة، فمن هو “أنا” لأحدث عن “هم”، وفي أي مرتبة حللت لأقيّم أين حلّوا، وان كنت قد تدارسته بشيء من التفصيل مشافهة مع أحبائي وخلاني، فآثرت أن ألمح أثره في نفوس من قرؤوه وتدبروه…

أذهلتني قواعد “شمس” الأربعين وأفعاله في قدرتها على اختراق حُجب القلوب، ورفعت قبعة علمي لـ “اليف شافاق” الكاتبة التي جمعت بين المظهر “الغربي” والجوهر “الإسلامي”، في متلازمة تنبئ عن قدرة هذا الدين العظيم في تأليف القلوب وإلزامها بلغة الحب.

فطفقت أتبين أثر ذلك بمن هم حولي، ومن ذاك أني كنت أسير في “شارع بسمان” في ساعة متأخرة ليلا برفقة صديقي ، وإذا بكلب ينبح بجوارنا وقطة تقفز من كومة قمامة في مظهر موحش وهادئ، وإذا بصديقي يقول أن “شمس التبريزي يحب هذه الأجواء”، وهذا مشهد يدلل على قدرة الكاتبة في رسم الصورة والشخصية…

صديق أخر حينما أنهى الكتاب ذي الخمسمائة صفحة بغلافه الأحمر، وحل له أن يطوي “جلدة” الخاتمة قال بصوت رتيب يبعث على اليقين أن “الواحد كان بفكر حاله بفهم”.

كنت أهمّ بدخول إحدى المجمعات التجارية متخطيا أشعة X المتخصصة في كشف المتفجرات، وإذا بامرأة جاوزت الأربعين تدخل قبلي وهي تحمل الكتاب وتضمه إلى نفسها خوفا من رصد ذاك الانفجار الفكري الشرعي.

بالأمس كنت في جولة الكترونية، فوقعت على أحد المدونين الذي ما انفك يفتك في محتوى الكتاب، فيكفر كاتبته ويبدع صاحب القواعد ويشتم الرومي ابن “قونية” مدينة الحب، فتذكرت حادثة رواها لي أحد أصدقائي قائلا: انه ذات يوم كان يحدث احد أصدقائه العاصين فسأله بصيغة بريئة وقال: “ليش الزعران اللي زيك لما يقرروا يتوبوا بصيروا متطرفين” فأجاب ذاك “الازعر” وقال مقاطعا : “لأنه الزعرنة بدمهم”.

“الزعرنة بدمهم” صدقوني لقد عجز العلماء عن ذاك التوصيف الدقيق، لا بل انه بكلمتين قد شخص الداء ووصف الدواء…

في نهاية الرواية والأحداث قتل “شمس التبريزي” على يد من أفزعتهم لغة العشق، وخلص رفيقه الرومي بعد حالة من الجزع بفعل ذاك المصاب الأليم أن لكل زمان “شمس” وأن الشموس لم تنقض بموت شمس ذاك الزمان…

وأنا الذي لم أجرؤ على نقاش من ما احتوته قواعد شمس ذاك الزمان من أصول للعشق… أخاطب شمس هذا الزمان وأقول:

أكتب… أكتب يا شمس هذا الزمان مجلدا ضمنه ألفا من القواعد، وسمّه “ألف قاعدة لتكون إنسانا”…

أكتب يا شمس هذا الزمان… أكتب وحدث أن لوك الأكباد ليس صفة إنسانية…

أكتب… أكتب ودع قلمك يجري لنعود آدميين، ثم اكتب لنكون مسلمين، ثم فصل لنصير مؤمنين، وأنا أعدك عندها أن أشرح قواعد العشق الاربعين….

محمد حسني الشريف