الجمعة , نوفمبر 22 2024

صحبة المشايخ

الصحبة أمر مطلوب في المسير إلى الله تعالى، وقد حث الله تعالى عليها حين قـال ﴿يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين﴾ ، وقد خاطب الله نبيه ليعلمنا ويرشدنا فقال ﴿واتبع سبيل من أناب إليّ﴾ ، ثم يبين الله تعالى خسران وضلال الظالمين الذين لم يتخذوا لأنفسهم صاحب صـدق، وإنما اتخذوا رفـاق وأخلاء السوء، قال تعالى ﴿ويوم يعض الظالم على يديه يقول ياليتني اتخذت مع الرسول سبيلاً﴾.

ثم يبين الله تعالى أن كل العلاقات يوم القيامة بين الناس علاقات عداء، حتى بـين المتحابين في الدنيا إلا بين المتقين، فإنهم يأتون يوم القيامة أخلاء متحابين كما كانوا في الدنيا، قال تعالى ﴿الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين﴾ . ثم حث تعالى على ولوج أبواب أهل المعرفة لمعرفة طرق الوصول إلى رضى الله ورحمته فقال تعالى ﴿الرحمن فاسأل به خبيراً﴾.

فالصحبة إذاً إما أن تكون مع أهل الفساد والضلال، فيهوي معهم إلى دركهم، وإما أن تكون مع أهل الإيمان والتقوى ومعرفة الله، فيعلو معهم إلى علاهم، ويكتسب منهم الصفات الحميدة ومعرفة الله، ويداوي بهم عيوب وآفات نفسه. ويكفي أن نعلم أن الصحابة لم ينالوا هذه الرتبة إلا بصحبتهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم ومجالستهم له، وكذلك التابعون لم ينالوا هذه الرتبة إلا بصحبة صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكذلك الأمر حتى قيام الساعة بصحبة من أخذوا المعرفة بالتلقي كابراً عن كابر حتى رسول الله صلى الله عليه وسلم.