الجمعة , نوفمبر 22 2024

المفهوم الحقيقي للبدعة

القاعدةُ الكبرى في تفسير البدعة هي حديث الرسول صلى الله عليه وسلم الوارد عند مسلم الذي يقول “من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد” ، أي من أحدث في منهجنا وطريقة فهمنا ما ليس منه فهو مرفوض. وهذا هو الفقه الحقيقي للشريعة، حيث سبقنا إليه السلف الصالح من الصحابة والتابعين وتابعيهم إلى يومنا هذا، ونجده متجلياً في شخصية الفاروق عمر رضي الله عنه، الذي أوقف حدّ السرقة في عام الرمادة، فلو كان الأمر مجرد نصوص تحفظ وتطبق، لكان في ذلك حرجٌ وتشديدٌ يأباه الله ورسوله. فَفِقه عمر للشرع هو الأصحُ من قول وفقه كل دعيّ جاهل.

وهذا حديث عند مسلم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يوضح المعنى “من سنّ في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها بعده من غير أن ينقص من أجورهم شيء، ومن سنّ في الإسلام سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها من بعده من غير أن ينقص من أوزارهم شيء”.

إذاً فكل مُحْدَث يُعرض على هدي الرسول صلى الله عليه وسلم، فإن وافقه فهو خير، سماه الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث السابق سُنَّة حسنة، وإن لم يوافقه فهو شرٌ، سماه الرسول صلى الله عليه وسلم سُنَّة سيئة. فالشرط في قبول المحدث أن يكون مستنداً إلى أصلٍ شرعي، وأن يُقصد به النفع للمسلمين، لأن القاعدة الفقهية المشهورة تقول “إن أصل الأشياء الإباحة ولا تحريم إلا بنص” . فلو افترضنا أن مسلماً ألزم نفسه أن يصلي على رسول الله صلى الله عليه وسلم في اليوم مائة مرة، أو أقل أو أكثر، وهذا العددلم يرد نصاً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، هل يجوز لنا أن نقول بأن هذا مبتدع؟ كلا، لأن الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرٌ من الدين، وللمسلم أن يأتي بها في الوقت والعدد الذي يشاء، والأمر ينطبق على جميع الأوراد والتسابيح والنوافل.