لقد كرم الله ابن آدم واختار له أن يكون عزيزًا، لكن ساقهُ سائقٌ من الطمع إلى أن يكون ذليلًا.
والله واحد في ذاته وصفاته وأسمائه، هو وحده الضار والنافع وهو المعطي والمانع، وهو الغني المغني، وهو المعز والمذل، إذا تمثل الإنسان عقيدة التوحيد هذه (في عقله ووجدانه) نقلته من حال الذلة إلى حال العزة، ومن الشرك إلى التوحيد.
من طبيعة الإنسان أنه طمّاع! يطمع في المال والجاه والمنصب (زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ ٱلشَّهَوَاتِ مِنَ ٱلنِّسَاءِ وَٱلْبَنِينَ وَٱلْقَنَاطِيرِ ٱلْمُقَنْطَرَةِ مِنَ ٱلذَّهَبِ وَٱلْفِضَّةِ وَٱلْخَيْلِ ٱلْمُسَوَّمَةِ وَٱلأَنْعَامِ …)، (وَإِنَّهُ لِحُبِّ ٱلْخَيْرِ لَشَدِيدٌ)، وهذا ما يجعل الإنسان يذل لأخيه الإنسان، إن في مستوى الفرد أو الجماعة أو الدولة.
ما السبيل إلى التخلص من هذه الذلة؟ إنه التوحيد عقلًا وذوقًا ووجدانًا. والإنسان بحاجة إلى حالةٍ تزكوية عالية للتخلص من صفة الطمع، وليس كل الناس عندهم هذه القابلية! والإنسان بدل أن يطمع فيما عند الله المعطي المغني المعز يذهب لأخيه الإنسان فيذل له. وهذا ينطبق على الدول وعلاقاتها.
غياب التوحيد الحقيقي، فعليه من خلال تلاوته لكتاب الله أن يستذكر بعضًا من آيات الله التي تؤكد على هذه المعاني (فَٱبْتَغُواْ عِندَ ٱللَّهِ ٱلرِّزْقَ)، “ازهد في الدنيا يحبك الله، وازهد فيما في أيدي الناس يحبك الناس”.
إذا رجحت كفة تذللك لله طاشت كفة ذلتك للناس. وقلنا من قبل: تحقق من صفاتك يهبك من صفاته، تحقق من صفة الذلة لله يهبك صفة العزة من عنده.
(مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً)، وهل حياة الذليل حياة طيبة؟!
كان العرب قبل الإسلام أذلاء لفارس والروم، ولما جاء الإسلام بعقيدة التوحيد ففهموا أن الأمر كله بيد الله …. عَزّوا، وهذه العزة جعلت ربعي بن عامر يقف موقف العزة أمام رستم قائد الفرس في القادسية “وهو الجندي الذي تعلم معنى من معاني التوحيد”. اقرؤوا القصة.
الحديث (احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، إذا سأَلت فاسأَل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أن الأُمة لو اجتمعت على أَن ينفعـوك بشيء، لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء، لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام وجفت الصحف). (قُلِ ٱللَّهُمَّ مَالِكَ ٱلْمُلْكِ تُؤْتِي ٱلْمُلْكَ مَن تَشَآءُ وَتَنزِعُ ٱلْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَآءُ وَتُعِزُّ مَن تَشَآءُ وَتُذِلُّ مَن تَشَآءُ بِيَدِكَ ٱلْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ).